سورة هود - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


قوله تعالى: {يانوح اهبط} قال ابن عباس: يريد: من السفينة إِلى الأرض. {بسلام منا} أي: بسلامه.
قوله تعالى: {وبركات عليك} قال المفسرون: البركات عليه: أنه صار أباً للبشر جميعاً، لأن جميع الخلق من نسله. {وعلى أُمم ممن معك} قال ابن عباس: يريد: من ولدك. قال ابن الأنباري: المعنى: من ذراري من معك، والمراد: المؤمنون من ذريته. ثم ذكر الكفار، فقال: {وأُممٌ} أي: من الذرية أيضاً، والمعنى: وفيمن نَصِفُ لك أُمم، وفيمن نقصُّ عليك أمره أُمم. {سنمتِّعهم} أي: في الدنيا {ثم يمسهم منا عذاب أليم} في الآخرة. قال محمد بن كعب القرظي: لم يبق مؤمن ولا مؤمنة في أصلاب الرجال وأرحام النساء يومئذ إِلى أن تقوم الساعة إِلا وقد دخل في ذلك السلام والبركات، ولم يبق كافر إِلا دخل في ذلك المتاع والعذاب.


قوله تعالى: {تلك من أنباء الغيب} في المشار إليه ب {تلك} قولان:
أحدهما: قصة نوح.
والثاني: آيات القرآن، والمعنى: تلك من أخبار ما غاب عنك وعن قومك.
فان قيل: كيف قال هاهنا: {تلك} وفي مكان آخر {ذلك}؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: {تلك} إِشارة إِلى آيات القرآن، و{ذلك} إِشارة إِلى الخبر والحديث، وكلاهما معروف في اللغة الفصيحة، يقول الرجل: قد قدم فلان، فيقول سامعٌ قولَه: قد فرحت به، وقد سررت بها، فاذا ذكّر، عنى القدوم، وإِذا أنَّث، ذهب إِلى القَدْمَة.
قوله تعالى: {من قبل هذا} يعني: القرآن. {فاصبر} كما صبر نوح على أذى قومه {إِن العاقبة} أي: آخر الأمر بالظفر والتمكين {للمتقين} أي: لك ولقومك كما كان لمؤمني قوم نوح.
قوله تعالى: {إِن أنتم إِلا مفترون} أي: ما أنتم إِلا كاذبون في إِشراككم مع الله الأوثان. وما بعد هذا قد سبق تفسيره [يونس: 72] إِلى قوله: {يرسل السماء عليكم مدراراً} وهذا أيضاً قد سبق تفسيره في [سورة الأنعام 61]. والسبب في قوله لهم ذلك، أن الله تعالى حبس المطر عنهم ثلاث سنين، وأعقم أرحام نسائهم، فوعدهم إِحياء بلادهم وبسط الرزق لهم إِن آمنوا.
قوله تعالى: {ويزدكم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكم} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الولد وولد الولد، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: يزدكم شدة إِلى شدتكم، قاله مجاهد، وابن زيد.
والثالث: خِصباً إِلى خصبكم، قاله الضحاك.
قوله تعالى: {ولا تتولَّوا مجرمين} قال مقاتل: لا تُعرضوا عن التوحيد مشركين.
قوله تعالى: {ما جئتنا ببينة} أي: بحجة واضحة. {وما نحن بتاركي آلهتنا} يعنون الأصنام. {عن قولك} أي: بقولك، والباء وعن يتعاقبان.


قوله تعالى: {إِن نقول} أي: ما نقول في سبب مخالفتك إِيانا إِلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون لسبِّك إياها، فالذي تُظهر من عيبها لِما لحق عقلك من التغيير. قال ابن قتيبة: يقال: عراني كذا، واعتراني: إِذا ألمَّ بي. ومنه قيل لمن أتاك يطلب نائلك: عارٍ، ومنه قول النابغة:
أَتَيْتُكَ عَارِيَاً خَلَقاً ثيابي *** على خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ
قوله تعالى: {إِني أشهد الله...} إِلى آخر الآية. حرك ياء {إِنيَ} نافع. ومعنى الآية: إِن كنتم تقولون: إِن الآلهة عاقبتني لطعني عليها، فاني على يقين من عيبها والبراءةِ منها، وها أنا ذا أزيد في الطعن عليها، {فكيدوني جميعاً} أي: احتالوا أنتم وأوثانكم في ضرِّي، ثم لاتمهلون. قال الزجاج: وهذا من أعظم آيات الرسل، أن يكون الرسول وحدهَ وأُمتُه متعاونة عليه، فيقول لهم: كيدوني، فلا يستطيع أحد منهم ضرَّه، وكذلك قال نوح لقومه: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} [يونس: 71]. وقال محمد صلى الله عليه وسلم. {فإِن كان لكم كيد فكيدونِ} [المرسلات: 39].
قوله تعالى: {إِلا هو آخذٌ بناصيتها} قال أبو عبيدة: المعنى: أنها في قبضته ومِلكه وسلطانه.
فان قيل: لم خص الناصية؟ فالجواب: أن الناصية هي شعر مقدَّم الرأس، فاذا أخذت بها من شخص، فقد ملكت سائر بدنه، وذلَّ لك.
قوله تعالى: {إِن ربي على صراط مستقيم} قال مجاهد: على الحق. وقال غيره: في الكلام إِضمار، تقديره: إِن ربي يدل على صراط مستقيم. فان قيل: ما وجه المناسبة بين قوله: {إِلا هو آخذ بناصيتها} وبين كونه على صراط مستقيم؟ فعنه جوابان.
أحدهما: أنه لما أخبر أنه آخذ بنواصي الخلق، كان معناه: أنهم لا يخرجون عن قبضته، فأخبر أنه على طريق لا يعدل عنه هارب، ولا يخفي عليه مستتر.
والثاني: أن المعنى: أنه وإِن كان قادراً عليهم، فهو لايظلمهم، ولايريد إِلا العدل، ذكرهما ابن الأنباري.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12